قصة: "خيانة ودماء"
قصة: "خيانة ودماء"
قصة طويلة ومشوقة عن الخيانة الزوجية، وكيف اكتشف الزوج الخيانة، وخطته لجريمة بدت كاملة… لكن شيئًا صغيرًا لم يكن في الحسبان، ففضح كل شيء:
_______________________________
القطرة الاخيرة:
في إحدى ضواحي العاصمة، كان "ياسر" يعيش حياة تبدو مثالية. رجل أربعيني ناجح في عمله كمصمم معماري، يملك منزلاً فاخراً، وزوجة جميلة تُدعى "رنا"، تزوجها قبل عشر سنوات، بعد قصة حب جمعت بينهما أيام الجامعة. لم يرزقا بأطفال، لكن حياتهما كانت هادئة – أو هكذا ظن ياس
اقرأ أيضا:
♦ القصة الكورية المصورة الشهيرة ( حلم شين)
في الآونة الأخيرة، بدأت رنا تتصرف بغرابة. تتهرب من الحديث، تقضي وقتًا طويلاً على هاتفها، وتخرج دون أن تُفصح عن مكانها. الشك بدأ يتسلل إلى قلب ياسر، فقرر أن يراقب.
زرع تطبيق تجسس على هاتفها، وربط الكاميرات المخفية بالبيت على هاتفه. ما وجده حطم قلبه: رنا تخونه مع صديقه الأقرب، "كريم" – صديق الطفولة، من يعرفه أكثر من أي شخص آخر. كانت اللقاءات تتم أحيانًا في منزله أثناء غيابه، وأحيانًا في شقة استأجراها سرًا.
الغضب لم يكن كافيًا… بل الرغبة في الانتقام.
الجزء الثاني: خطة الجريمة الكاملة
جلس ياسر أيامًا لا يتحدث، لا يأكل، لا ينام. ثم بدأ يرسم. لا تصاميم معمارية هذه المرة، بل سيناريو دقيق لجريمة كاملة.
خطته كانت عبقرية:
يوم الجريمة: استدرج كريم إلى منزله بحجة الحديث عن مشروع معماري مشترك.
قدم له مشروبًا ممزوجًا بمادة سامة بطيئة المفعول – سم نادر لا يظهر في الفحوصات العادية.
بعد ساعات، مات كريم في المنزل.
حمل الجثة إلى الغابة المجاورة، وأحرقها في حفرة كان قد حفرها مسبقًا وأعد لها مواد تذيب العظام.
جمع رماد الجثة، ووزعه في نهر بعيد.
ثم عاد إلى المنزل، نظّف كل شيء باحتراف، وأغلق الكاميرات. لم يترك خلفه أثرًا.
أما "رنا"، فلم يكن في نية ياسر قتلها. كان يريدها أن تعيش، وتتعذب بفقدان عشيقها دون أن تعرف ماذا حدث. لكنه استمر بمراقبتها… حتى جاء اليوم الذي كسرت فيه كل ما تبقى من صبره.
الجزء الثالث: القتل الثاني
واجهها ذات ليلة. لم تُنكر، بل ضحكت في وجهه قائلة: "كريم يحبني أكثر منك… ولو عاد للحياة سيختارني من جديد".
حينها، فقد السيطرة. خنقها بوسادة حتى لفظت أنفاسها الأخيرة. ثم جلس أمام جثتها، كمن أنهى مهمة طويلة.
لكنه كان جاهزًا… أو ظن أنه كذلك.
جعل الأمر يبدو وكأنه انتحار: وضع بجانبها كأس خمر وعلبة أدوية مهدئة، ورسالة مزيفة كتبها بخط يدها. أغلق كل النوافذ بإحكام، وغادر.
الجزء الرابع: شيء لم يكن في الحسبان
أسبوعان مرّا… لا أحد يشك في ياسر. لا بل تعاطف الناس معه لفقدانه زوجته بعد اختفاء صديقه المقرب.
لكن الشرطة لم تُغلق التحقيق في اختفاء كريم، خاصة بعد أن ظهرت رسالة إلكترونية أرسلها كريم قبل اختفائه، يقول فيها إنه يشعر بأن ياسر يراقبه، وأنه يشعر بالخطر.
بدأوا في مراجعة سجلات الهاتف… ومنها إلى الكاميرات… ثم إلى تطبيق التجسس المثبت على هاتف رنا، الذي نسي ياسر أن يُزيله.
هذا التطبيق كان لا يزال يُرسل نسخة من كل ما يحدث… بما في ذلك تسجيل صوتي من ليلة قتل رنا. صراخ مكتوم، خطوات، نفس متسارع، ثم صوت ياسر يتمتم:
"أنتِ السبب… كل شيء انتهى بسببك…"
"الظلّ لا يختفي":
كان الرائد مروان فؤاد محقق جرائم مخضرم. لا يتكل على الأدلة السطحية، بل على الغريزة… وعلى التفاصيل الصغيرة التي يتجاهلها الآخرون.
عندما استُدعي لقضية "اختفاء كريم فاضل"، لم يكن هناك ما يُثير الريبة. رجل اختفى فجأة، لا جثة، لا آثار دم، لا مشتبه به.
لكن شيئًا في وجه ياسر لم يُعجبه. الهدوء المبالغ فيه. الحزن المصطنع.
أول الخيوط: "رسالة لم تُقرأ"
دخل مروان إلى شقة كريم، وجلس أمام حاسوبه المحمول. كان محميًا بكلمة مرور، لكن وحدة الجرائم الإلكترونية فتحت الجهاز خلال ساعات.
وهناك كانت أول المفاجآت:
مسودة رسالة بريد إلكتروني لم تُرسل، محفوظة منذ يوم اختفائه.
"إذا اختفيت فجأة… اعرف أن الشكوك اللي عندي كانت في محلها. ياسر بدأ يتغير… يراقبني بطريقة غريبة. ما أقدر أواجهه، لكن لازم أكتب ده… احتياط."
كلمات قليلة، لكنها كانت كافية لمروان لفتح ملف "ياسر حلمي"… والبدء في المراقبة من بعيد.
الكذبة الأولى
أعاد مروان تمثيل آخر 24 ساعة من حياة كريم. زار الأماكن، تحدث مع الجيران، مع سائقي الأجرة، وحتى كاميرات الطرق.
واكتشف أن سيارة ياسر خرجت في منتصف الليل في اليوم نفسه لاختفاء كريم، رغم أنه أخبر الجميع أنه كان نائمًا.
الطريق الذي سلكه كان يؤدي إلى غابة مهجورة.
مروان ذهب بنفسه إلى هناك. لم يجد شيئًا… إلا بقعة سوداء صغيرة على التراب، وسط مساحة محترقة جزئيًا. تم أخذ عينات للفحص.
الرصاصة في الظل: الهاتف الذكي
في غرفة رنا – بعد موتها المفاجئ الذي سُجل "انتحارًا" – وجد المحقق شيئًا لم يلاحظه أحد: هاتف قديم في جارور مغلق. تشغيله تطلّب أيام، لكن مروان لم يكن مستعجلًا.
بعد فك تشفير الهاتف، وجد شيئًا أقرب إلى الكنز:
تطبيق تجسس، مربوط بحساب خارجي. والأفضل؟ التطبيق احتفظ بملف نسخ تلقائية لأشهر ماضية، منها تسجيلات صوتية وصور واتصالات.
من بين هذه، تسجيلاً صوتيًا في غرفة النوم، من ليلة وفاتها.
الصوت كان واضحًا:
"كل ده بسببك… مات كريم وانتي كمان هتموتي…"
ثم صوت ارتطام، وخنق، ثم صمت.
مروان كان في مكتبه حين سمع هذا التسجيل لأول مرة. نظر إلى الضابط الذي كان بجانبه، وقال:
"ياسر… وقعت في غلطة مبتدئ."
"حين يتكلم الغبار":
تم القبض على ياسر. واجهوه بالتسجيل. أنكر أولًا، ثم سكت. لم يتكلم بكلمة، فقط نظر لمروان نظرة طويلة وقال:
"كنت فاكر إن كل حاجة نضفتها… ما حسبتش حساب التطبيق ده."
قال له مروان بهدوء:
"الجريمة الكاملة؟ مفيش حاجة اسمها كده… مش طول ما الغبار بيتكلم."
تم تحليل البقعة السوداء التي وُجدت في الغابة، وكانت بالفعل تحتوي على بقايا نادرة من عظام بشرية محترقة وسِمّ نادر لا يُستخدم إلا في المختبرات الكيميائية.
تم توجيه تهمتي القتل العمد والتخلص من الجثث، مع سبق الإصرار والترصد.
النهاية: سقوط القناع
في المحكمة، واجه ياسر الحقائق. بذكائه، كاد يُفلت من العقاب، لولا القطرة الأخيرة – تسجيل نسيه، أو ظن أنه محي.
حُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وفي الزنزانة، لم يكن ياسر يصرخ أو يندم… بل كان يرسم. على الجدران، رسومات متداخلة، بعضها يحمل وجه امرأة… وآخر يحمل ظل رجل محترق.

ليست هناك تعليقات