أخر المواضيع

أحاديث من كتاب الموطأ لابن الصلاح (3)


قال الشنقيطي والعجب من ابن الصلاح رحمه الله، كيف يطلع على اتصال جميع أحاديث الموطأ حتى إنه وصل الأربعة التي اعترف ابن عبد البر بعدم الوقوف على طرق اتصالها، ومع هذا لم يزل مقدما للصحيحين عليه في الصحة! مع أن الموطأ هو أصلهما، وقد انتهجا منهجه في سائر صنيعه.

الْحَدِيثُ التاسع

9 - وَأَمَّا حَدِيثُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَدْ أَنْبَأَنِي بِهِ الشَّيْخُ أَبُو الْمُظَفَّرِ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ الْحَافِظِ أَبِي سَعْدٍ عَبْدِ الْكَرِيمِ السَّمْعَانِيِّ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي الْفَتْحِ نَصْرِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُطِيعِ الأُصُولِيِّ الْفَقِيهِ.


وَحُدِّثْتُ بِهِ، عَمَّنْ سَمِعَهُ مِنْهُ، عَنْهُ، قَالَ: أنا الإِمَامُ أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو الْقَاسِمِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزَّنْجَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ الأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَالِدٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَاضِي قِنَّسْرِينَ، قَالَ: نا أَبُو نَصْرٍ الْفَتْحُ بْنُ أَيُّوبَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: نا سَهْلُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: نا السَّكَنُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ جُوَبْيِرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَكَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِ الأُمَمِ السَّابِقَةِ مَعَ طُولِ أَعْمَارِهِمْ، فَقَالَ: " مَا عَسَى أَنْ تَكُونَ مَحَاسِنُ أَعْمَالِ أُمَّتِي فِي قِصَرِ أَعْمَارِهِمْ؟ فَإِذَا هُوَ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَحْمَدُ، اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُقْرِئُكَ السَّلامَ، وَيَقُولُ: اقْرَأْ.


قَالَ: وَمَا أَقْرَأُ؟ فَقَالَ: اقْرَأْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 1-3]، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، يُتَقَبَّلُ مِنَ الرَّجُلِ مِنْ أُمَّتِكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِثْلُ مَا كَانَ يُتَقَبَّلُ مِنَ الرَّجُلِ مِنَ الأُمَمِ السَّالِفَةِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ، يَا مُحَمَّدُ، مَعَ قِصَرِ أَعْمَارِهِمْ مَحَاسِنُ أَعْمَالِهِمْ أَفْضَلُ مِنْ أَعْمَالِ الأُمَمِ السَّالِفَةِ، مَعَ طُولِ أَعْمَارِهِمْ ".


هذا غريب المتن جدا، وضعيف الإسناد جدا.
وقد روى أبو عبد الله بن منده الحافظ في كتابه، عن أبيه: حديث مالك رضي الله عنه، حديث الموطأ بلفظه، بإسناده، عن محمد بن المبارك الصوري، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بمحفوظ، ولم يذكره الصوري محمد بن المبارك في كتابه الذي جمع فيه مسند حديثه عن مالك.


وأما حديث النسيان، فقد رويناه من وجوه كثيرة صحيحة، منها:

الْحَدِيثُ العاشر

10 - مَا أَخْبَرَنَاهُ الشَّيْخُ الأَصِيلُ أَبُو الْفَتْحِ مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَفِيدُ الْفُرَاوِيِّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ بِنَيْسَابُورَ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَارِسِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْحَافِظُ، قَالَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذَبَارِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، قَالَ: أنا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: نا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ حَدِيثَ السَّهْوِ، وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي».


أخرجاه في صحيحيهما، وإنما يتقوى به من حديث مالك رضي الله عنه طرف منه.


وأما حديث توصية معاذ بإحسان الخلق، فقد رويناه من وجوه، منها:

الْحَدِيثُ الحادي عشر

11 - مَا أَخْبَرَنَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ مُؤَيَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِهَا، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُوَارِيِّ، قَالَ: أنا الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاحِدِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو حَسَّانٍ الْمُزَكِّي، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُؤَدِّبُ، قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ زُنْبُورٍ، قَالَ: أنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي.


قَالَ: " اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُ كُنْتَ.
قُلْتُ: زِدْنِي.
قَالَ: أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا.
قُلْتُ: زِدْنِي.
قَالَ: خَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ ".
رواه أحمد بن حنبل في مسنده، من حديث ليث، بنحوه.


الْحَدِيثُ الثاني عشر

12 - وَأَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْمُؤَيَّدُ أَيْضًا، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِنَيْسَابُورَ، وَأَنْبَأَنِي الشَّيْخُ أَبُو الْفَتْحِ مَنْصُورُ بْنُ أَبِي الْمَعَالِي الصَّاعِدِيُّ، قَالا: أنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْمَسَاجِدِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ التَّفْلِيسِيِّ، قَالَ: أنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّلَمِيُّ، قَالَ: أنا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّفَّاءُ، قَالَ: أنا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ أَبِي شَبِيبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ».


رويناه هكذا، من حديث معاذ، إلا أن في أوله: أن معاذا، قال: يا رسول الله، أوصني.
وفي سماع ميمون من أبي ذر نظر.


أخرج هذا الحديث أبو عيسى الترمذي في جامعه، من حديث أبي ذر، ثم من حديث معاذ، وقال: هذا حديث حسن.
وفي أصل الحافظ أبي حازم: حسن صحيح.


وذكر الترمذي، عن محمود بن غيلان: أن الصحيح فيه: عن أبي ذر.
قلت: وقول محمود.


فيما نراه غير محمود، فهو عن معاذ أكثر وأشهر.
وذكر الدارقطني أبو الحسن الإمام: أنه قد تابع ليث بن أبي سليم في روايته، من حديث معاذ: حماد بن شعيب، وإسماعيل بن مسلم المكي، وأنه قد اختلف فيه على سفيان الثوري، فرواه وكيع، عن الثوري، عن حبيب، عن ميمون، عن معاذ رضي الله عنه.


وهذا الحديث حسن شريف، وكنت قد قلت: إن ملاك أمر الدين والدنيا في أربعة أحاديث، أحدها هذا.
والثاني: حديث معاذ رضي الله عنه: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار.

قال: «لقد سألت عن عظيم...».
اشتمل على مباني الإسلام الخمسة، وأبواب الخير من الصوم

ليست هناك تعليقات